حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالٱن”:” كيليا نمور تبيض ذهبا !”
Table Of Content
حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالٱن”:” كيليا نمور تبيض ذهبا !”
الجزائرالٱن- لا تزال الجمبازية الجزائرية كيليا نمور تصنع الحدث في مختلف المسابقات الدولية بإحرازها الميداليات والتتويجات تلو الأخرى، كان آخرها ثلاث ميداليات ذهبية في كأس العالم التي أقيمت في قطر حيث حصلت على ذهبيتين وفضية في ظرف يومين، وتوجت قبلها بميدالية ذهبية في كأس العالم التي احتضنتها أذربيجان، ثم في ألمانيا، وبلجيكا، أين تفوقت على الأسطورة الأمريكية سيمون بيلز بطلة العالم أكثر من عشرين مرة والبطلة الأولمبية أربع مرات، وهي الانجازات التي جعلتها محط أنظار العالم أجمع، ما يدفعنا للاهتمام بها أكثر ومرافقتها وحمايتها والاستثمار فيها لأنها صارت تبيض ذهبا، بعد أن ساد الاعتقاد أن الجزائر صارت عاقرا لا تنجب الأبطال.
على هامش متابعتي لتتويجات كيليا نمور في الدوحة بمناسبة كأس العالم، اقتربت منها ومن مدربها ومحيطها المقرب، وأكتشفت قصة البطلة مزدوجة الجنسية، خريجة المدرسة الفرنسية، التي كانت تدافع عن ألوان فرنسا، قبل أن تختار تمثيل الجزائر بسبب التهميش الذي تعرضت له منذ اصابتها لما كان عمرها 14 عاما، ما كلفها إجراء عمليتين جراحيتين عند جراح جزائري بمساعدة الاتحاد الجزائري للجمباز الذي رافقها أثناء العمليتين وخلال فترة إعادة التأهيل التي دامت أشهر، في وقت اعتبر طبيب الاتحاد الفرنسي أن عودتها الى المنافسة مستحيلة، ولا يمكن المغامرة بها في أولمبياد باريس، ما دفعها إلى مباشرة اجراءات تغيير الجنسية الرياضية والعودة الى أحظان وطنها الأم.
الاتحاد الدولي للجمباز وافق على رغبتها بإصرار من والدها وبمساعدة الاتحاد الجزائري للجمباز، لكن الاتحادية الفرنسية طعنت في القرار ووقفت في وجهها، مما زادها إصرارا على اختيار الألوان الوطنية وتحقيق أحلامها، لتبدأ مغامراتها قبل سنة بالضبط في شهر مايو 2023 بمناسبة بطولة افريقيا في بريتوريا التي توجت فيها باللقب القاري، ثم الألعاب العربية في الجزائر أين توجت بميداليتين ذهبيتين، لتطرق باب العالمية من خلال بطولات وكؤوس العالم، وتصبح في ظرف وجيز رقما مهما في عالم الجمباز، تصنع الحدث في كل مكان، وتبيض ذهبا لبلدها الأصلي الذي يرافقها نحو صعود منصة التتويجات في أولمبياد باريس وأمام أنظار بلد تخلى عنها في محنتها.
قصة كيليا نمور ملهمة، تستوقفنا لنتمعن فيها ونستخلص منها الدروس، وتفرض علينا مرافقتها ورعايتها وحمايتها خاصة من القريب قبل الغريب، وتفرض علينا، مرافقة الاتحاد الجزائري للجمباز لاستقطاب المزيد من المواهب في الجزائر وخارجها خاصة وأن كيليا نمور ستكون سببا في استقطاب ممارسين جدد لهذه الرياضة، كما يقتضي الأمر مزيد من الاهتمام بمختلف الرياضيين في الرياضات الفردية بالخصوص في الداخل والخارج، خاصة وأن الاستثمار فيهم غير مكلف، ويضمن الحصول على تتويجات وألقاب في المحافل القارية والدولية، وبالتالي يشجع الأجيال الصاعدة على ممارست رياضات كانت الى وقت قريب ثانوية، لا تحظى بالاهتمام حتى في الإعلام الرياضي.
صحيح أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، تستدعي الاهتمام بها كغيرنا من الشعوب والدول، لكن نخبة الرياضات الفردية بكل أنواعها تحتاج منظومة خاصة تفوق نطاق الطواقم الفنية والإدارية والطبية، لتصبح قضية مؤسسات الدولة على غرار مجالات أخرى فنية وثقافية واجتماعية، قد تكون غير منتجة للثروة من الناحية المادية، لكنها تحسن الصورة وتزيد من السمعة وترفع المعنويات، مثلما تفعل طفلة صغيرة، يعزف من وراء انجازاتها نشيد قسما في مختلف المحافل، وتتضاعف بسببها مشاعر الافتخار والاعتزاز لدى أولادنا.